شارل حايك

شارل حايك

ضبيه

dealingwiththepast

1982

كلما تزايد عدد القذائف المتساقطة، ارتفع صوت أوتار الغيتار، يسمع شارل “صفير” صاروخ قادم ليسقط في منطقة سكنهم، فيسمع معها والده وأعمامه يعزفون على آلات الغيتار والآلات الموسيقية الأخرى التي يحملونها بقوة، كانوا يحولون انتباه الأطفال في الملجأ نحو لعبتهم، ويصرخون بفرح مع صوت الانفجار الضخم، فيضحك الصغار معتقدين أنها إحدى الألعاب الحديثة.
في منطقة الضبية عاش شارل حايك وعائلته، المنطقة مكشوفة للقصف والصراعات وحروب الأعداء والأخوة، خلال تبادل القصف مع المنطقة الغربية كانت الصواريخ تعبر فوق بيتهم، فتصيب الأحياء القريبة والأحراج البعيدة.
لم يكن لديهم جيران ولا أبنية تحيط بهم لتمتص أصوات القذائف، ما يجعل من كل معركة خسارة متزايدة للأعصاب وخصوصاً أن شارل كان يعاني مشكلة في إحدى أذنيه.
الرعب الذي ازداد مع القصف كان يصيب شارل بالشلل التام، ما دفع والديه إلى وضعه مع شقيقته تحت الوسادات لتخفيف الصوت، في علبة جديدة تخفف الصراخ.
بعكس العديد من أقرانه، لم يحس شارل بالسرور ولا يوم في الملجأ، كان يدخله كمن يذهب إلى السجن، هناك تحت الأرض يصبح محروماً من اللعب في الحقول المجاورة لمنزله، أو ركوب دراجته الهوائية، يخسر بين الجدران السوداء وكثافة الدخان من الخصوصية والمساحة الخاصة به، حيث كان مضطراً لتقاسم المكان الذي كان في الأصل معرضاً للمفروشات مع سبعة عشر شخص آخر.
رغم ذلك، تبقى أشياء طريفة عاشها شارل تحت القصف ومنها اكتشاف صاج لصناعة الخبز المرقوق، بعدما انقطع الخبز لفترة طويلة، ولكن للمفارقة لم يعرف أي من المتواجدين في الملجأ كيفية تشغيله وتصنيع العجين.
شارل حايك المولود عام 1982 وأستاذ مادة التاريخ والتراث، على مدى ثمانية أعوام عاشها من الحرب أكثر ما يتذكره هو الانتقال بين منطقتي الأشرفية والضبية مسقط رأس العائلة، التي امتلكت منزلاً على رأس التلة المطلة على البحرإ بالاضافة إلى أراضٍ شاسعة من الحمضيات بني على جزء منها مخيم الضبية للاجئين الفلسطينيين.
ولد شارل بعائلة تمتهن التعليم، من والديه إلى جدته، أما انتمائه الديني فيصفه بالخفيف، وعلى الرغم من مارونيته، فهو يرى أن الدين موروث ثقافي وليس ديني. درس شارل في مدرسة مار يوسف عينطورة ثم في الجامعة اللبنانية وجامعة الروح القدس، الكسليك، قبل دخوله حقل التعليم بعمر صغير.
لم يحمل أي من أفراد أسرة شارل السلاح خلال الحرب، وبالرغم من حماستهم لبعض الأحزاب المسيحية خلال السنوات الأولى للقتال، إلا أن السواد الأعظم من العائلة رفض هذه العبثية، وبالتحديد والده وأعمامه.
خلال الحربين الأخيرتين، أو ما يعرف بحربي الإلغاء والتحرير، اشتد القتال في الضبيه، ما أجبر العائلات على ترك منازلهم والانتقال إلى مدرسة عينطورة التي فتحت أبوابها لعائلات الأساتذة، حيث مكثوا لأشهر قبل الانتقال إلى قبرص بدون حمل أي من أمتعتهم و حاجاتهم.
قدمت الأب طلب هجرة إلى كندا، وهو أمر كرهه شارل، فهو في ضبيه ترك الأراضي الزراعية ودراجته الهوائية، ولكن لحسن الحظ انتهت الحرب عام 1990 وعادت العائلة إلى لبنان.

يعتبر شارل أن تمجيد العنف والرجولة هو ثقافة خاطئة، فالحرب لا تولد إلا الدمار والموت، ويستغرب ثقافة مجتمعية تكرس وتقوي تلك السرديات الخاطئة، يرى أنه لا بد للشباب أن يتجنبوا التحول لعناصر مؤذية للآخرين، فدور الشباب هو قوة تغيير وليس رجوعاً إلى الوراء.

    شارل حايك

    شارل حايك يتوسط اولاد عمه في الملجئ حيث كان والده و اعمامه يعزفون الموسيقى لتشتيت الاطفال عن اصوات القذائف.

تسجيل دخول

The stories and interviews and other information mentioned in this platform do not necessarily reflect the views of the UNDP and the donor. The content of the stories is the sole responsibility of the interviewees.

القصص والمقابلات والمعلومات الأخرى المذكورة في هذه المنصة لا تعكس بالضرورة وجهات نظر برنامج الأمم المتحدة الإنمائي والجهة المانحة. محتوى القصص هي مسؤولية الأشخاص الذين تمت مقابلتهم.