النبطية
dealingwiththepast
1955
راهبة انطونية
الحرب منّا لعبة ، تدمر الإنسان والحجر ،تدمر أجيال المستقبل وليس جيل الحرب فقط .
تستذكر الأخت ماري الحرب بهذه الكلمات وبغصّة وتقول اننا لا زلنا نتحمل عواقب الحرب بعد مرور أكثر من 45 سنة على اندلاعها.
منذ حوالي الخمسين عام وماري تقوم بواجبها الانساني في الخدمة كراهبة، فقبل الحرب كانت ماري تخدم الدير في منطقة الدكوانة حيث كانت قريبة من مخيم تلّ الزعتر. في سنة 1973 سمعت ماري حوار بين بعض الفلسطينيين مفده انّ حربًا ما تحضّر للبلد ومنذ ذلك الوقت وهي خائفة على لبنان والوجود المسيحي، فهي رأت بعينها التحضير والتخطيط للحرب من موقعها في الدير.
من أكثر الأحداث المطبوعة في ذاكرة ماري هي تلك المتعلقة بمجزرة بالدامور. فهي من الدامور ولها بعض الأهل والأقارب في الدامور منهم من قتل بطريقة وحشية ومنهم من فرّ عاري الاقدام الى دير القمر في رحلة أشبه بالكابوس استمرّت عدّة أيام، فكانوا يسيرون في الليل ويختبئون في النهار حتّى أنهم اقتاتوا على اوراق الشجر لعدم توفر الطعام.
بعدها انتقلت ماري لخدمة الدير في النبطيّة حتّى انتهاء الحرب، ففي تلك الفترة لم تكن ماري او اي من الرّهبان يفرق بين مسلم ومسيحي فكانوا يساعدون أي شخص يطلب المساعدة من دون اي تفرقة او تمييز كما وكانوا يعلمون الاطفال بالمدرسة وكان التحدي الكبير أن لا يتوقف التعليم حّتى في أيام القصف الكثيف فقد وضعوا أكياس الرمل على النافذات وأكملوا التعليم لأن العلم هو الذي يبني مستقبل افضل للجيل الجديد وليس الحرب.
في أحد الأيام تُركت طفلة حديثة الولادة أمام باب الدير في النبطية، فاهتموا بالطفلة مدّة زمنيّة حتى وجدوا عائلة ميسورة تستطيع تبني الطفلة فأعطوهم الطفلة وكانوا قد أسموها (سلام) كي يعم السلام.
رغم بشاعة الحرب وقسوتها لم يضعف إيمان الاخت ماري فكانت تصلّي يوميًا ولم تكن تخاف من الموت فكانت دائمًا تهمّ للمساعدة ولو تحت الخطر، فرسالة السلام والمحبّة كانت اقوى من الموت والدمار.
وبالنسبة لماري خدمة الإنسان سائر من كان هي التي تعطي دفعًا للمجتمع للتقدم والتطور.