أمال جوزف بجاني

أمال جوزف بجاني

كحالة

dealingwiththepast

1955

كان صراخ شقيقة أمال عالياً، وكذلك صوت القصف في معركة الكحالة عام 1976، شقيقتها تضع مولودها الثاني، والقصف قطع الطرق إلى المستشفيات في بيروت، والطبيب اعتذر عن الحضور بسبب كثافة القصف، فاضطروا للاستعانة بإحدى النساء وهي داية من القرية للمساعدة في الولادة. كانت ليلة سوداء بالكامل، ما عدا أضواء القذائف التي تشعل الأحراش، وقف والدها وصهرها أمام باب البيت مسلحين ببنادق قديمة، خوفًا من سقوط القرية واقتحام منزلهم.
ولدت أمال بعائلة تتألف من خمسة أفراد، والدها الموظف بوزارة الأشغال، ووالدتها جانيت تساعد بتحمل تكاليف أعباء المنزل من خلال حياكة الملابس وبيعها.
تتذكر أمال الأيام الجميلة التي سبقت اندلاع الحرب الأهلية، فهي الشابة التي كانت تدرس البكالوريا في ثانوية فرن الشباك، وتسكن في رأس بيروت عند أقاربها، تصف تلك الفترة بأنها أجمل أيام الشباب، شوارع بيروت لكل الناس وخصوصاً الحمرا.
عام 1973 تقدمت أمال لوظيفة كاتب في الدوائر الرسمية للدولة، نجحت بامتحان مجلس الخدمة المدنية، وعُينت بعد سنتين في ملاك وزارة الصحة، على أن تبدأ عملها يوم 14 نيسان 1975، أي بعد يوم واحد من اشتباكات عين الرمان التي سجلت كيوم أول لاندلاع الحرب الأهلية.
في وظيفتها بدأت أمال تسمع لأول مرة عن الأحزاب اللبنانية وتقاتل الطوائف، فهي قادمة من بيت ليس له انتماء سياسي، ووالدها لم يسمح لأحد أفراد الأسرة بالعمل الحزبي أو حتى التكلم بالأمور السياسية. فطلبت من زملائها التوقف عن التكلم بالسياسة بعد اتهامهم لها بالانتماء لحزب معين، فقط لأنها من منطقة ودين معينين، ما اضطرها لاحقاً لوضع لافتة في المكتب كتبت عليها “ممنوع التكلم بالسياسة”.
بعد هجوم بلدة الكحالة قررت العائلة الانتقال إلى منطقة التحويطة، حيث منزل أحد الأقرباء، وكان خارج البلاد. استعملت العائلة الحياكة كمصدر رزق أساسي، وباعوا المنتجات في أسواق بيروت كي لا يطلبوا المعونة من أحد.
تقول أمال، نحن كجيل الحرب لم نعش شبابنا كما يجب، فالحرب حرمتنا الكثير. وهو ما أجبرها على عدم استكمال دراستها الجامعية بسبب الحرب والخوف من الخطف لأن الجامعة كانت بعيدة، وفي مناطق قريبة لخطوط التماس.
حتى يوم زفافها لم يكن طبيعيًا، تتذكر أمال تلك الحقبة بمرارة، ففي نفس يوم زفافها عام 1983، انعقد مؤتمر بيت الدين للحوار بين المتحاربين، ورغم الأمل بحل للحرب إلا أنها كانت خائفة جدًا من القصف أو اندلاع المعارك مجدداً، وهو ما حصل فعلاً.
“الحرب قاسية وكلها مآسٍ، نحن لا نحب الحرب، بل نحب السلام” تقول أمال، وتكمل “العلم مهم جدًا لإبعاد الجهل، والحرب هي الجهل الحقيقي”. تنظر اليوم بعد هذه الأعوام الطويلة وتقول “لبناء الأوطان يجب على الفرد أن يحب بلده من داخل منزله، وأن لا يكون له أي انتماء لخارج حدود الوطن”.

تسجيل دخول

The stories and interviews and other information mentioned in this platform do not necessarily reflect the views of the UNDP and the donor. The content of the stories is the sole responsibility of the interviewees.

القصص والمقابلات والمعلومات الأخرى المذكورة في هذه المنصة لا تعكس بالضرورة وجهات نظر برنامج الأمم المتحدة الإنمائي والجهة المانحة. محتوى القصص هي مسؤولية الأشخاص الذين تمت مقابلتهم.