خالد دحويش

خالد دحويش

برج الشمالي

dealingwiththepast

1951

فلسطيني لبناني

مرات عدة سبح خالد ببحر من الدماء، هكذا يصف عمله في غرف الطوارئ بالمستشفيات خلال الحرب اللبنانية.
كان كل انفجار أو قصف مفاجئ أو صاروخ يدمر مبنى مثلما حصل في مبنى عكر بمنطقة الصنايع، يؤدي إلى وصول عشرات الجرحى إلى غرف الطوارئ، فتتحول إلى برك من الدماء.
ولد خالد دحويش في مخيم البرج الشمالي للاجئين الفلسطينيين، قرب مدينة صور، اضطرت عائلته للعمل في قطاف حقول الليمون والحمضيات وغيرها من مزروعات في الجنوب والبقاع ليتسنى لها تعليم أولادها.
التحق خالد بكلية التمريض الملحقة بمستشفى الأمراض العقلية “العصفورية” في الحازمية والتي كانت تقدم لطلابها منحاً تعليمية، بالإضافة إلى تقديم مصاريف شخصية للعيش وشراء الكتب. بعد تخرجه عام 1975، عمل لسنة واحدة في لبنان قبل أن يهاجر إلى ليبيا للعمل، ليعود بعد ثلاث سنوات إلى بيروت ويكمل تعليمه الجامعي، متخصصاً بالأدب الإنكليزي، ويعمل بالموازة ضمن الهلال الأحمر الفلسطيني لمدة خمسة عشرة عاماً.
بسبب حاجته للمال، عمل خالد بدوام جزئي في مستشفى الجامعة الأميركية قبل أن يوضع أما خيار البقاء في وظيفته مع الهلال الأحمر أو التفرغ في مستشفى الجامعة الأميركية، فقرر اختيار الأخيرة، كون الجامعة الأميركية تؤمن له الاستقرار المالي والدعم النفسي، يتمكن من تقديم التعليم والطبابة لعائلته.
بحسب خالد الذي نال الجنسية اللبنانية سنة 1994 فالحياة في لبنان قبل اندلاع الحرب كانت جميلة “it was a wonderful life” كان ورفاقه الشبان يسرحون في شوارع المدينة، بينما شارع الحمرا لم يكن ينام، يمشون إلى مطار بيروت، حيث باعتقاده يوجد أطيب بوظة تذوقها بحياته.
مع اندلاع الحرب عام 1975 كان خالد وفلسطينيين آخرين، يعملون كمتعاقدين مع مستشفى القديس جاورجيوس (الروم) في منطقة الأشرفية، وبسبب التقاتل المذهبي لم يستطيعوا مغادرة حرم المستشفى بسبب القتل على الهوية، فقامت المشرفة عليهم السيدة هزيمة بتأمين المسكن والمأكل لهم، حتى تسنى لها تأمين إخلائهم إلى الشطر الغربي من العاصمة.
لم يحمل خالد السلاح، ولكنه تدرب على القتال في سنوات شبابه الأولى، ومع اكتشافه عدم جدية العمل المسلح قرر أن يكون ممرضاً بعدما مر بتجربة صعبة، أثناء حراسته وبعض أصدقائه لمخيم اللاجئين في مدينة النبطية، قام الإسرائيليون بمهاجمة قاعدة بحرية لحركة فتح على بعد بضعة أميال من مكان تواجده، فتفاجأ بأن قيادته لم تعلمهم بهذا الخطر. فكانت لتلك الحادثة أثر سيء دفعه للدراسة والعمل بعدما شعر أن القيادة الحزبية مستعدة للتضحية به وبرفاقه.
يعتبر خالد أن الحرب الأهلية هي حرب الآخرين على أرض لبنان، قامت دول عدة بتوريد السلاح. أما الثورة الفلسطينية فكان لها دور في الحرب ولكنها لم تكن هي السبب الأساسي لاندلاعها.
أما أصعب اللحظات فهي مرحلة القتل على الهوية، فهو كفلسطيني عانى من هذا الخطر، خاصة أثناء حرب المخيمات، فكان يتنقل بحماية سائقي الشيخ عبد الأمير قبلان، نائب رئيس المجلس الشيعي الأعلى، الذي كان يعرف خالد بسبب عمله في مستشفى عكا داخل مخيمي صبرا وشاتيلا القريب من الضاحية الجنوبية.
يتذكر خالد المآسي التي مر بها لبنان بنوع من الحسرة الممزوجة بالتضامن فكان الطاقم الطبي والتمريضي يتفانى بإغاثة المصابين خاصة عندما تحصل انفجارات وعمليات قصف كبيرة، في إحدى المرات قصف الطيران الإسرائيلي بناية عكر في محيط حديقة الصنائع، كانت القنبلة فراغية، فأوقعت المبنى على من فيه من مختبئين، ونقل أكثر من 120 جريح خلال أقل من ساعة معظمهم بحالة حرجة إلى مركز الهلال الأحمر الموجود في رأس بيروت، بمبنى مدرسة اللاهوت القريب من مستشفى الجامعة الأميركية. مع العدد الضخم للجرحى أجبر الطاقم الطبي على إغاثة المصابين على الأرض، وقام الجراحون بجهد جبار لمساعدة المصابين، كما نقل عدد كبير من الجرحى إلى مستشفى الجامعة الأميركية، كان يوماً لونه أحمر، فعندما انتهى خالد ورفاقه من عملهم كانت أرض المستشفى تسبح بالدماء.
يعتبر خالد أن السلاح يقتل البريء والمذنب سوياً، بينما الإنسان إذا حكـّم عقله وتحاور مع خصمه يمكنه الوصول إلى تسوية، ليس من المطلوب أن نتفق على كل شيء ولكن ليس هناك من حاجة للاقتتال، بل يجب الاتفاق على أصالة لبنان وحب الوطن الذي يجمع كل أبنائه.

تسجيل دخول

The stories and interviews and other information mentioned in this platform do not necessarily reflect the views of the UNDP and the donor. The content of the stories is the sole responsibility of the interviewees.

القصص والمقابلات والمعلومات الأخرى المذكورة في هذه المنصة لا تعكس بالضرورة وجهات نظر برنامج الأمم المتحدة الإنمائي والجهة المانحة. محتوى القصص هي مسؤولية الأشخاص الذين تمت مقابلتهم.