راشيل ابو عنّي

راشيل ابو عنّي

حدث

dealingwiththepast

1978

الصورة الأولى للحرب المطبوعة من طفولة راشيل هي سماع صوت قذيفة، فهرعت والدتها لحمل أطفالها الثلاثة وترك كل شيء، وركضت باتجاه الملجأ الذي كان يبعد نحو 500 متر عن المنزل، كان الطريق طويلاً، لا تحتاج الطفلة المرعوبة سوى أن تسمع طرقات قلب والدتها التي صارت أعلى من صوت القذائف، هناك وجدوا معظم عائلات الحي، رغم أن الملجأ لم يكن محصنًا، إنما كان أفضل من البقاء في المنزل.
مكثت العائلة في الملجأ لأيام، في البداية كان الخوف يسيطر على راشيل، لكنها بعد حين اكتشفت أنّ الملجأ هو المساحة الأفضل للتعرف على أولاد الحي واللعب معهم. بعد مرور ثلاثة أيام خفّت وطأة القصف، فكانت أولوية عائلتها الذهاب للمنزل وتحضير الطعام وإحضار الملابس بسرعة قبل العودة للملجأ.
ولدت راشيل سنة 1978 في بيروت بعد أن انتقل والديها من منطقة البقاع الغربي لتأمين لقمة العيش وتحديدًا إلى منطقة الحدث، ترعرعت مع أخويها وهي الوسطى في جو عائلي بامتياز، بالرغم من وجودهم في غالب الأحيان في الملجأ، فمنزل العائلة يطل مباشرةً على أحد أخطر محاور القتال، وهو طريق صيدا القديمة، ولهذا لا تذكر راشيل من طفولتها سوى أصوات القذائف وذكريات الملجأ، رعباً ولعباً مع أطفال آخرين.
الصورة المطبوعة في مخيلة راشيل عن الحرب هي سقوط الأبرياء ضحية هذه الحرب العبثية، فمن المشاهد التي لا تفارقها حريق منزل الجيران جراء قذيفة، وموت كل العائلة، وكلّ ذنبهم أنهم كانوا في بيتهم، تقول إن مشاهد الدماء والقتل المتكرر لا يمكن محوها من الذاكرة.
تعرضت راشيل وأخوها الأكبر للإصابة جرّاء القصف، ولا تزال إحدى الشظايا عالقة بيدها حتى يومنا هذا. القصف المتكرر أدى لاحتراق منزلهم مرات عدة فموقعه كان محاذيّا للجبهات.
في الحرب ورغم الكراهية والحقد الذي تزيده المعارك، لم ينتم أحد من عائلة راشيل الى أي حزب، فيما انتمى بعض أفراد العائلة إلى عديد القوى العسكرية اللبنانية من جيش وقوى أمن داخلي.
الحرب بالنسبة لراشيل لم تنتهِ، إنما تغيرت أساليبها، فالحرب المعنوية والاقتصادية هي نوع من أقسى أنواع الحروب. الأمل الأكبر بالنسبة لراشيل هو بجيل الشباب الواعي، والطريقة الوحيدة لبناء وطن هي بعدم التعصب والتحيز والنظر الى المستقبل من منظور وطني وليس حزبي أو طائفي.

تسجيل دخول

The stories and interviews and other information mentioned in this platform do not necessarily reflect the views of the UNDP and the donor. The content of the stories is the sole responsibility of the interviewees.

القصص والمقابلات والمعلومات الأخرى المذكورة في هذه المنصة لا تعكس بالضرورة وجهات نظر برنامج الأمم المتحدة الإنمائي والجهة المانحة. محتوى القصص هي مسؤولية الأشخاص الذين تمت مقابلتهم.