صباح رشيد علوش

صباح رشيد علوش

بيروت

dealingwiththepast

1954

بعدما أنجبت صباح طفلها الأول، حضّرت حلوى المغلي المخصصة لهذا النوع من المناسبات، وضعت الصحون الصغيرة على شباك المطبخ ليبردوا بسبب انقطاع التيار الكهربائي، عند الصباح توجهت إلى المطبخ لتجد أن القناص في مبنى فندق “الهوليدي ان” المواجه لبيتها استهدف صحونها، وخربهم.
كانت الحرب جولات حين تزوجت صباح، هدوء يخرج فيه الناس إلى أعمالهم كأنه لم يكن هناك حرباً، وحرب تشتعل فجأة فيختبئ الجميع بالغرف الخلفية أو في الملاجئ. من بيت أسرتها، البيروتية التقليدية، انتقلت إلى منزل زوجها في منطقة الزيدانية، تطل على فندق “الهوليدي ان” المشهور بأعنف المعارك في حرب الفنادق سنة 1976.
اشتدت المعارك فانتقلت صباح إلى منزل أهلها بمنطقة رأس النبع، على بعد أمتار من محور السوديكو، وذلك بعد سفر زوجها إلى مصر للعمل وكانت حامل بطفلها الثاني.
في إحدى الليالي استيقظت منزعجة وجلست على شرفة المنزل تحتسي قارورة مرطبات، فتحت الغطاء فصدر عنها صوت عال جداً، فظن الجيران بأن هجوماً بدأ نحو منطقتهم من الشطر الشرقي، هرعوا نحو الملجأ، وذهبت صباح معهم، ولم تتجرأ أن تصارحهم بأن الصوت كانت صادراً عن قارورة المرطبات الغازية.
أثناء توجه صباح إلى مستشفى الجامعة الأميركية للولادة اعترضت سيارتهم مجموعة ميليشيوية، وضربها أحدالمسلحين على بطنها للتأكد من أنها حامل فعلاً ليسمح لها بالمرور نحو المستشفى، وصلت وكان المنطقة تتعرض للقصف فوضعت برواق المستشفى بين المرضى.
لم تكن الحرب فقط خوف من القصف، بل تعداها الأمر إلى الخطف على حواجز متحركة، مثلما وقع لها في أيلول 1982 بعد اغتيال الرئيس المنتخب بشير الجميل، كانت من ضمن 3 سيارات تضم عائلتها متجهين إلى منزلهم الصيفي في بعلشميه بقضاء عاليه، أوقفهم حاجز ميليشيوي. كانت تنظر صباح حولها وترى عدد من الأشخاص يصطفون على الحائط تحت تهديد السلاح، كانت مقتنعة بأن حياتها انتهت، قبل أن يقوم أخيها الكبير بالإقلاع بسيارته بطريقة جنونية وتبعته سيارات العائلة حيث التجأوا إلى بيتهم الجبلي.
في يوم مرّ تعرض شقيقها الوحيد للخطف والتعذيب، أثناء عودته من سوريا. تذكر صباح كيف توسط والدها مع أحد النافذين لإطلاق سراح شقيقها وكيف انتابها الخوف عندما دخلت إلى مكان الاحتجاز ورأت غرف التعذيب، لتاخذ عهداً على نفسها بعدم الذهاب إلى أي من المناطق المسيحية طالما هي على قيد الحياة، وكانت مستاءة كيف يجرؤ مواطن لبناني على تعذيب شقيق له في الوطن.
بالنسبة لصباح لا يستطيع الإنسان محاربة الحقد بالحقد بل يفعل ذلك بالمحبة، وترى أن الحال اللبناني أسوأ مما مر به خلال الحرب. رسالتها إلى جيل الشباب واضحة، اذهبوا نحو العلم ولا تلجأوا للزعماء، فهم بآخر المطاف لن يكترثوا لمصالحكم، بل بأن ينعم أولادهم بالحياة الرغيدة والبحبوحة.

تسجيل دخول

The stories and interviews and other information mentioned in this platform do not necessarily reflect the views of the UNDP and the donor. The content of the stories is the sole responsibility of the interviewees.

القصص والمقابلات والمعلومات الأخرى المذكورة في هذه المنصة لا تعكس بالضرورة وجهات نظر برنامج الأمم المتحدة الإنمائي والجهة المانحة. محتوى القصص هي مسؤولية الأشخاص الذين تمت مقابلتهم.