طارق عارف ملاعب

طارق عارف ملاعب

بيصور

dealingwiththepast

1967

وقف طارق أمام جثة والده، ينظر إلى وجهه الساكن كالنائم، صوت البكاء من حوله يخلط الألوان السوداء والبيضاء المحيطة به، قالوا له إنه استشهد، ولكنه يراه هنا بجانبه كأنه في حلم.
ثلاثة أيام هي الفترة الفاصلة بين سقوط القذيفة وبين إعلان الوفاة والجنازة التي تركت أثراً عميقاً في نفس طارق، ومن تلك اللحظة تغير شيء في فيه وهو لا يزال في التاسعة من عمره.
عندما اندلعت الحرب الأهلية اللبنانية كان طارق عارف ملاعب، تلميذاً في مدرسة القلبين الأقدسين في دير الشير قرب سوق الغرب. والده المنتسب للحزب التقدمي الاشتراكي، حمل السلاح ضمن صفوف الميليشيات اليسارية التي تصارعت مع اليمين، فالصراع في أوله – بحسب طارق – كان صراعا طبقياً.
خلال المواجهات ضد القوات السورية سقط والد طارق سنة 1976، دخلت دمشق لنصرة اليمين اللبناني، كانوا أفراد الأسرة يتناولون طعام الفطور، والأب يصر على العودة إلى الجبهة ليبقى مع رفاقه، في حين كانت تصر والدة طارق على بقائه لإكمال الترويقة مع عائلته، سقطت عدة صواريخ بالقرب من منزلهم، أصيب الأب، لكنه بقي واقف على قدميه يحاول تهدئة عائلته قبل نقله إلى المستشفى ليفارق الحياة بعد ثلاثة أيام.
ضغوط نفسية عدة يعيشها أبناء الشهداء، من جهة فقدان الأب ومن جهة أخرى الإرث الذي يتطلبه منهم المجتمع والبيئة المحيطة، وهو ما عاشه طارق، فتم إلباسه “ثوب ثقيل” وبدأ الانخراط في المؤسسات الحزبية من الكشفية إلى العسكر ومتابعة دورات عسكرية عدة بعمر صغير.
بعد الاجتياح الإسرائيلي للبنان سنة 1982 ودخول القوات اللبنانية إلى الجبل قاتل طارق فيما عرف بـ”حرب الجبل”، وفور انتهاء القتال أصيب طارق بصدمة أخرى جراء استشهاد صديق طفولته “أكرم” والذي كان كطارق ابن شهيد حي أصيب في معارك 1976 ضد الجيش السوري.
يعتقد طارق بأن الجبل الذي انتمى له كان في حالة تعايش وأخوة، وأن دخول قوة غريبة أجج الصراع. ويرى أنه في آخر الحرب أصبحت الأحزاب مثل بيادق الشطرنج مستخدمة من الخارج. ووصل إلى نتيجة بأن العنف لا يولد إلا العنف وهو ليس الحل. ومن هذا المنطلق عمل طارق في موضوع المصالحة وملف عودة المهجرين إلى قراهم، والذي بحسب ابن قرية بيصور لم يتم بالكامل بسبب تقصير الدولة في ما يتعلق بالإنماء الريفي وتأمين البنى التحتية.
كل شخص في الحرب وبنسب متفاوتة خسر قطعة من نفسه من حياته وروحه ومن عواطفه، وصل طارق بعد نقد لتجربته الشخصية إلى قناعة مطلقة بأن التعايش هو فرض مطلوب مع أبناء الوطن، وأن قبول الآخر هو من الأشياء الأساسية بغض النظر عن الخلاف السياسي. كل شخص ينظر الى لبنان من منظاره وهذا شيء مقبول شرط أن يبقى لبنان وأن يكون الانتماء للوطن.

    طارق عارف ملاعب

    طارق عارف ملاعب

    أثناء معارك حرب الجبل سنة 1983 كان يبلغ من العمر 16 عاماً. سقط والد طارق سنة 1976 في المواجهات ضد القوات السورية التي دخلت لنصرة اليمين اللبناني، مقتل والده سبب لطارق أزمة عاطفية، وهو لا يزال في التاسعة من عمره. الضغط النفسي الذي تعرض له طارق لم يكن فقط بسبب فقدان والده بل الآن ألقي عليه ثقل من بيئته، بصفته ابن شهيد، عليه أن يكون على قدر هذه المسؤولية، فتم إلباسه ثوب ثقيل، لينخرط في المؤسسات الحزبية من الكشاف وبعدها العسكر، متابعا دورات عسكرية عديدة بعمر صغير.

تسجيل دخول

The stories and interviews and other information mentioned in this platform do not necessarily reflect the views of the UNDP and the donor. The content of the stories is the sole responsibility of the interviewees.

القصص والمقابلات والمعلومات الأخرى المذكورة في هذه المنصة لا تعكس بالضرورة وجهات نظر برنامج الأمم المتحدة الإنمائي والجهة المانحة. محتوى القصص هي مسؤولية الأشخاص الذين تمت مقابلتهم.