غسان رباح

غسان رباح

عين كسور

dealingwiththepast

1949

قاضي متقاعد

بالنسبة لـ غسان رباح طريقه الى القضاء كان مقررا من جده لأمه الذي كان يخاطبه من صغرى بسيادة القاضي، فعندما تخرج من الثانوية انتسب إلى كلية الحقوق التي كانت على مقربة من منزله بجانب حديقة الصنائع.

ترعرع غسان في عائلة متواضعة و كان الاصغر بين اخوته و والده كان صانع أحذية في مصنع نيويورك المشهور على باب إدريس ووالدتها أستاذة لغة عربية تغادر المنزل مع بزوغ الفجر لتعمل في مدرسة في منطقة الشياح و تقوم بإعطاء دروس خصوصية في اللغة العربية اولاد المغتربين في افريقيا. لم يتعاطى غسان السياسية كون العائلة بشكل عام كانت محظورة عن النشاط السياسية من قبل كبير العائلة الشيخ خليل رباح الذي حرم الانتساب إلى الأحزاب.
تخرج غسان سنة 1974 وكان الأول على صفه و كان امام خيارين اما الانتساب إلى معهد الدروس القضائية و ان يصبح قاضيا او ان ياخذ المنحة الدراسية التي حاز عليها للذهاب إلى الولايات المتحدة والالتحاق بجامعة يال (YALE) المرموقة، فكان الوحيد بين التلمذة الأنجلو فون الذي حصل عليه بحسب استاذه الحقوقي و رجل القانون المشهور ادمون نعيم يذكر غسان كيف قام بحجز التذكرة من شركة بان م (PAN AM) قبل أن يغير رأيه بسبب إصرار والدته عليه البقاء في لبنان و يدخل الى معهد الدروس القضائية قبل سنة من اندلاع الحرب اللبنانية سنة 1974.

جو القضاء والدولة قبل الحرب بحسب القاضي الشاب كان متجها نحو التقدم والازدهار الشيء الذي شجعه على الدخول إلى الدولة. معهد الدروس القضائية كان يقع في وزارة العدل في منطقة المتحف و أصبحت بعد اندلاع الحرب جزء من خط التماس الذي كان يفصل العاصمة. يذكر غسان مشقة الوصول الى المعهد و كيف كان يتعرض للقنص و القذائف التي كانت تتساقط على جوانب الطرقات.
في أحد الأيام اضطر غسان إلى الاحتماء في المحكمة العسكرية التي كانت تقع على أحد المعابر التي تفصل العاصمة الشرقية عن الغربية، فدخل الى مكتب القاضي داغر قبل ان يقوم احد العناصر العسكرية بمرافقته إلى منزله.

الحرب الأهلية بالنسبة لغسان قضت على حياته المهنية لا سيما بأن القاضي مهنته الحفاظ على القانون و تطبيق النظام و هذا شيء كان مستحيل في خضم الجنون الحاصل. من أصعب المهمات التي كلف بع غسان كانت القضايا ذات المخالفات البسيطة فكان يضطر الى النظر في مخالفات البناء والتعدي و هي تتضمن دفع غرامات مالية بسيطة في حين كانت الطرقات تعج بالمسلحين المتشقين قاذفات الار ب ج و الأسلحة الثقيلة، مما يدفع به الى عدم عقد الجلسات والمحاكمات.

من الأحداث الطريفة التي كانت تمر على القاضي الشاب أثناء مروره على حواجز الميليشيات هو توقيفه من قبل عناصر المجموعات المسلحة ومعظمهم كانوا من المراهقين وكانوا يتعجبون عندما يعرف عن نفسه كقاضي و ينظرون الى لوحة سيارته مع ميزان العدالة الأحمر قبل أن يتركوه في سبيله معتقدين بأنه عضو في الصليب الأحمر الدولي. بعض المسلحين كانوا يطلبون منه إبراز بطاقة حزبية و يأنبه أنه يملك بطاقة قضاء المزينة الارزة اللبنانية.

تعرض غسان رباح للعديد من المضايقات و التهديدات أثناء عمله القضائي و كان من جيل من الشباب الذي دفع فاتورة الحرب الاهلية ، فيذكر كيف خمسة من دورته استشهدوا خلال الحرب و العديد منهم اضطر الى الهجرة الى الخارج.

يعتقد غسان رباح القاضي الذي قضى اكثر من اربعة عقود على قوس العدالة باتن لبنان من البلدان الجميلة ز من المؤسف أن نحرقه و نتطرف و المطلوب هو فقط العودة الى الطبيعة و تقبل الثقافة التي تربينا عليه من قبل اجدادنا. المشكل الأساسي هو التخلي عن دولة المؤسسات التي أسسها الرئيس الراحل فؤاد شهاب الذي رفض أن يستمر بالرئاسة في وجه طبقة سياسية اطلاق عليه شهاب اكلة الجبنة.

    غسان رباح

    غسان رباح

    بعدما بدأ غسان رباح حياته المهنية في قصر العدل وأصبح قاضيا اصيل قام بشراء سيارة اوبل بيضاء لتفادي متاعب التنقل من و الى عمله، و دفع ثمنه آنذاك مبلغ 12 ألف ليرة لبنانية على دفعات سنة 1974. في احد الايام حكم غسان على أحد المتقاضين في دعوى نزاع مدني لم ترق الى هذا الشخص الذين كان ينتمي إلى أحد التنظيمات المسلحة، فما كان من الأخير إلا أن قام بتفجير السيارة وذلك في 9-7-1984 في بلدة الباروك حيث كانت العائلة تقضي عطلة الصيف. فما كان لغسان الا ان يتقدم بدعوى بوجه الدولة اللبنانية طلب التعويض لفقدانه سيارته. بعد انقضاء عشرين سنة على الحادثة تبلغ غسان رباح الذي أصبح رئيس أول آنذاك لمحكمة البقاع حكم مجلس الشورى الذي ربحه حيث تم التعويض له بقيمة 12 ألف ليرة التي لا تكفي الابتياع لوح فاخر من الشوكولا.

تسجيل دخول

The stories and interviews and other information mentioned in this platform do not necessarily reflect the views of the UNDP and the donor. The content of the stories is the sole responsibility of the interviewees.

القصص والمقابلات والمعلومات الأخرى المذكورة في هذه المنصة لا تعكس بالضرورة وجهات نظر برنامج الأمم المتحدة الإنمائي والجهة المانحة. محتوى القصص هي مسؤولية الأشخاص الذين تمت مقابلتهم.