مازن قباني

مازن قباني

طريق الجديدة

dealingwiththepast

صرخ والد مازن بالعائلة أن يستعجلوا للفرار من الاشتباكات الدائرة بين أحزاب “الصف الواحد” بالمنطقة، كان الرصاص يشعل كل شيء، وقذائف “الأر بي جي” تخترق السيارات وتحرقها، وتشعل المنازل في الطوابق السفلى.
وصل الأولاد الخمسة مع والدتهم وكان الأب ينتظرهم بالسيارة ليهربوا باتجاه منزلهم في الجبل، خرج الأب من شوارع الطريق الجديدة مسرعاً، حين وجد نفسه مع عائلته داخل “المربع صفر” للحرب الدائرة. يكاد الرصاص يعبر الزجاج ويخرج من بين رؤوس أولاده، صوت صراخ وشتائم ولعنات ومسلح يشير له أن يذهب باتجاه آخر، وقذيفة تنفجر بمكان قريب.
ولد مازن قباني في 14 شباط 1970 لأسرة متوسطة الدخل عددها خمسة أولاد، ثلاث شقيقات وشقيق أكبر منه، وبحسب وصفه كان آخر العنقود. الأب يعمل في بلدية بيروت وأمه ربة المنزل كانت تتمنى البقاء في المنزل الجبلي بعيداً عن يوميات القتال في قرب بيتها.
بالنسبة لتفاصيل بدايات الحرب الأهلية، فهي ليست موجودة في ذاكرة مازن، ولكن تحضر دوماً صورة تعرض بيتهم للقصف من الشطر الشرقي للعاصمة، حين يسمعون هدير القذيفة الأولى وانفجارها القريب، يدركون أنها إشارة للفرار، فالقذيفة الثانية ستصيب مبنى سكنهم، أو كالعادة ستجد طريقها إلى الشرفة وغرفة الجلوس.
خلال صباح هادئ خرج مازن مع والديه لشراء حاجيات المنزل، سمعوا صوت قصف بعيد، فعادوا مسرعين نحو البيت ليجدوا أن غرفة الجلوس تعرضت لسقوط قذيفة دمرت الغرفة والأريكة التي كان يجلس عليه أخوته.
خلال ساعات القصف الليلي لم يكن مازن يستيقظ من نومه، دائماً ما يستفيق في الصباح ليجد نفسه في رواق المنزل، بعدما نقله والديه من فراشه إلى مكان آمن بسبب تعرض المنطقة للقصف.
لم يحمل مازن السلاح ولم ينخرط مع الأحزاب السياسية، فوالدته حرصت على إبعاده وشقيقه من تلك المخاطر، وأرسلت شقيقه بعمر صغير إلى السعودية لحمايته من الانتماء للميليشيات.
كانت عذابات أخرى يعيشها الابن في البلاد البعيدة، يرسل الشرائط المسجلة إلى والدته يطلب منها تعليمه كيفية تحضير الطعام، متذمرا من “وحشة الغربة” والهجرة القسرية.
من كوابيس الحروب، مشهد يبقى في الذاكرة ولا يمكن إزاحته، حين سمعوا صوت رصاص تحت مبناهم، ونحيب وصراخ، طلب منهم والدهم الاختباء، ولكنه تسلل من بين الأولاد الخمسة وخرج إلى الشرفة متلصصاً على مشهد لحملة إعدامات تعرض لها عدد من الأشخاص.
ومثل كثير من أبنية بيروت، لم يكن هناك ملجأ في بناية مازن، فاحتفظت العائلة بحقيبة من الاغراض الأساسية والاوراق الرسمية على باب البيت، تحضيراً لكل فرار عند اشتداد القتال إلى البيت الصيفي في قرية شانيه بجبل لبنان.

تسجيل دخول

The stories and interviews and other information mentioned in this platform do not necessarily reflect the views of the UNDP and the donor. The content of the stories is the sole responsibility of the interviewees.

القصص والمقابلات والمعلومات الأخرى المذكورة في هذه المنصة لا تعكس بالضرورة وجهات نظر برنامج الأمم المتحدة الإنمائي والجهة المانحة. محتوى القصص هي مسؤولية الأشخاص الذين تمت مقابلتهم.