نجوى يوسف شما

نجوى يوسف شما

بيروت

dealingwiththepast

1948

ممرضة

بالنسبة لنجوى شما، المولودة في مدينة حماة السورية، يعتبر الانتقال إلى منطقة رأس بيروت عام 1969 مغامرة شيقة، فبيروت هي المكان المختلف الذي قرأت عنه طويلاً، كانت صورة جميلة رأتها تحترق وعاشت مأساتها مع الناس.
وصلت بيروت للالتحاق بكلية التمريض، تابعت خلال سنة صفوف اللغة الإنجليزية والعلمية قبل التقدم لامتحان الدخول لتصبح طالبة في كلية التمريض عام 1970.
عام 1974 كان مفصلياً، فيه دخلت مهنة التمريض، وبنهايته بدأت الاضطرابات التي أوصلت خلال أشهر إلى اندلاع الحرب الأهلية، فتنقلت بين طوابق مستشفى الجامعة الأميركية عاملة في أقسامها، قبل إغلاق احد الطوابق بسبب الأزمة، ما دفع بها للسفر إلى الارجنتين لثلاثة أشهر قبل أن تعود إلى عملها في بيروت بظل أسوأ أيام الحرب.
الأيام السوداء للحرب كانت كثيرة، سنة 1976 قتلت صديقتها وزميلتها في العمل سلام مفرج، والتي عزمت على السفر إلى الولايات المتحدة. احتفل الأصدقاء بسفر سلام، وودعوها على أمل أن تعود قريبا، ولكن اشتداد المعارك أدى لإغلاق مطار بيروت، فاضطرت سلام للتوجه إلى مكتب السفريات لاستبدال بطاقة السفر في شارع الحمرا، فقتلت أمام فندق نابوليون جراء قصف مدفعي.
كثر اعتقدوا يومها أن نجوى قتلت مع سلام، كون الصديقتين لا تفترقان، لكن نجوى فقدت القدرة على تحمل موت صديقتها، ما أدى إلى انهيارها، وتوقفها عن العمل لثلاثة أشهر قضتها مع عائلتها في سوريا.
عادت إلى العمل في جناح مرضى الكلى، وقضت فيه معظم أوقاتها، لاسيما بعد غياب العديد من الممرضين والموظفين بسبب اشتداد الحرب، قررت البقاء رغم تشجيع عائلتها لها بالعودة الى سوريا، رفضت نجوى مقتنعة بفكرة أنه إذا كان لا بد أن تموت فهي تريد أن تموت في لبنان، بالمساعدة على شفاء المرضى، كونه لم يعد يوجد من يستطيع العمل مع مرضى الكلى.
عانت نجوى كسائر زملائها من قساوة الحرب، مع غياب القوانين، وعدم تقيد العديد من المرضى ومرافقيهم بآداب التعامل، بعضهم خبأوا السلاح تحت وساداتهم، وبعض المرافقين كانوا يعاملون الطاقم الطبي بعنف. مرت مرحلة سوداء اضطرت فيها نجوى لاستعمال لهجتها السورية لردع المتطاولين، الذين ظنوا أنها مدعومة من قوات الردع السورية.
في السنوات السوداء تعرض ابن عمتها طالب الطب في الجامعة الأميركية للاختطاف مع أربعة آخرين من زملائه المقيمين في سكن الطلاب، توجهت سريعاً إلى مكان اختطافهم وهددت المسلحين بأسماء بعض المسؤولين السوريين، وأمرتهم بإطلاق سراح كل المجموعة، رغم أنها لم تكن علا معرفة شخصية بأي مسؤول سوري. لكنها كانت تدرك مدى خوف الميليشيات من القوات السورية المتواجدة في بيروت، نجحت خدعتها، ولكن مع عودتها إلى المستشفى انهارت أعصابها بالكامل.
بسبب الأزمة وشح المواد الطبية والغذائية لجأت إلى خدع عديدة للحصول على الطعام المخصص لمرضى الكلى، وخلال الاجتياح الإسرائيلي لبيروت كانت تتقاسم التفاحة مع زميلتها على مدى يومين.
وجدت نجوى نفسها وسط الحرب الأهلية وجنونها “ليس هناك من شي يستحق قيام الحروب، حرام أن يموت أي من الشباب بسبب الحرب”، تقول، وتكمل متخوفة من السلم القلق الذي يعيشه اللبنانيون منذ انتهاء الاقتتال سنة 1990 “هل تعتقد أننا نعيش، في حالتنا هذه؟”.

    نجوى يوسف شما

تسجيل دخول

The stories and interviews and other information mentioned in this platform do not necessarily reflect the views of the UNDP and the donor. The content of the stories is the sole responsibility of the interviewees.

القصص والمقابلات والمعلومات الأخرى المذكورة في هذه المنصة لا تعكس بالضرورة وجهات نظر برنامج الأمم المتحدة الإنمائي والجهة المانحة. محتوى القصص هي مسؤولية الأشخاص الذين تمت مقابلتهم.